الوزن الزائد كإشارة داخلية… لا كخطأ غذائي
من السهل أن ننظر إلى الوزن الزائد على أنه نتيجة مباشرة لكثرة الأكل أو قلة الحركة.
عبارات مثل "خفّف أكلك"، أو "أنت بحاجة إلى انضباط"، تتكرر في جلسات التشخيص، في عناوين البرامج وحتى في الأحاديث العائلية.
لكن ماذا لو لم تكن هذه هي القصة الحقيقية؟
ماذا لو لم يكن الأكل هو السبب، بل العرض؟
وماذا لو أن الوزن الزائد ليس المشكلة، بل النتيجة الطبيعية لمشكلة أعمق بكثير؟
الجسد لا يُخطئ… هو فقط يتحدث بلغته
الوزن الزائد، في كثير من الأحيان، ليس تراكمًا للدهون فقط، بل تراكمٌ للمشاعر غير المعالجة.
إنه طريقة الجسد في قول ما لا نستطيع التعبير عنه.
ألم دفين لم يُسمع، خوف مكبوت لم يُفهم، حزن مزمن لم يُعاش.
كل ذلك يتحوّل – ببطء وصمت – إلى وزن.
الجوع الذي نشعر به ليس دائمًا جوعًا للطعام.
أحيانًا هو جوع إلى أمان، إلى حضن، إلى وضوح، إلى صوت يقول لنا: "أنا أراك، وأتفهّمك".
ولكن لأننا لا نجد تلك الحاجات، نُسكت الجوع بشيء آخر: بطعام، بسكر، أو بعادة تهدّئ التوتر مؤقتًا.
ليس الجميع يأكل كثيرًا… لكن كثيرين يحملون الكثير
بعض الأشخاص لا يأكلون أكثر من غيرهم.
بل قد تجدهم يتبعون حميات صارمة ويقضون ساعات في النوادي الرياضية.
ومع ذلك، لا ينخفض وزنهم.
لماذا؟ لأن الجسد لا يتجاوب فقط مع السعرات الحرارية – بل مع الرسائل الداخلية التي تصل إليه.
إذا عاش الجسد في حالة استنفار دائم – بسبب ضغط نفسي، قلق، شعور بعدم الأمان –
فهو لا "يخزّن دهونًا"، بل يخزّن درعًا واقيًا.
كأنّه يقول: "أنا بحاجة لحماية. شيء ما في هذا العالم ليس آمنًا."
ولذلك، فإن التعامل مع الوزن الزائد فقط من خلال حساب السعرات أو أنظمة الرجيم هو كمن يُقصّر غصنًا دون أن يلاحظ أن الجذر ينزف.
الأمراض الصامتة تبدأ من الداخل
أمراض مثل السكري، ضغط الدم، اضطرابات الهرمونات وأحيانًا حتى الآلام المزمنة –
كثير منها ليس وليد خلل عضوي فقط، بل وليد توتر داخلي مستمر.
حين نحمل بداخلنا مشاعر غير مُعترف بها، أو تجارب لم نُشفَ منها، يبدأ الجسد بالتعبير.
ولأن الجسد لا يملك كلمات، فإنه يستخدم الوزن، الألم، الاختلال، كوسائل للفت الانتباه.
في هذه الحالات، محاولة "تصحيح الجسد" دون النظر إلى ما يحدث في الداخل، تُشبه إصلاح إنذار الحريق دون إطفاء الحريق نفسه.
لماذا لا تنجح الحلول التقليدية؟
لأن المشكلة ليست في نوع الطعام، بل في نوع العلاقة التي نملكها مع أنفسنا.
هل نأكل عندما نجوع، أم عندما نتوتر؟
هل نلجأ للطعام في الوحدة؟
هل نشعر بالذنب بعد كل وجبة؟
هل نُخفي أجسادنا لأننا نخجل منها، أم لأنها تذكّرنا بألم لم يُفهم بعد؟
الوزن الزائد ليس ضعفًا في الإرادة، بل في كثير من الأحيان، هو نداءٌ لم يُسمع بعد.
وحين نبدأ بالاستماع إلى هذا النداء – تتغير الرحلة.
وما الحل؟ البداية أبسط مما تتصور
قد تمضي سنوات تحاول فهم ما يحدث. تنتقل من حمية لأخرى، ومن مدرب لآخر، ومن تشخيص طبي إلى آخر.
ولكن الحقيقة؟
في لحظة واحدة من الصدق مع الذات، يمكنك أن ترى ما كان خفيًا عنك طوال الوقت.
حين تدرك أن الوزن الذي تحمله ليس مجرد مسألة جسدية – بل تعبير عن معركة داخلية لم تُحسم بعد – تبدأ رحلة جديدة.
رحلة لا تحتاج إلى جلد الذات، بل إلى تعاطف.
لا تبدأ من الميزان، بل من الداخل.
إذا شعرت أن هذا المقال لمس شيئًا فيك، فاعلم أن الخطوة التالية بين يديك الآن.
📌 اضغط هنا لاكتشاف أعمق لما يحمله جسدك من رسائل، وتعرّف على الأدوات التي ستساعدك على تحويل الوزن من عبء، إلى بوابة لفهم الذات.
خلاصة
الوزن الزائد ليس عدوّك، بل رسالتك.
ليس فشلك، بل مرآتك.
هو محاولة الجسد أن يخبرك بشيء لم تتمكّن من التعبير عنه بالكلمات.
قد تكون تلك المحاولة ممتدة منذ الطفولة،
من لحظة شعرت فيها بعدم الأمان،
من تجربة لم تُفهَم، أو من فراغ لم يُملأ إلا بالطعام، أو بالعزلة، أو بالخجل من الذات.
ولهذا، فإن مفتاح التغيير لا يبدأ في صالة الرياضة، ولا في جدول السعرات.
بل يبدأ عندما تسأل نفسك:
ماذا يحمل هذا الوزن من أجلي؟ ماذا يخبرني؟ وماذا حان وقتي أن أراه بصدق؟
الرحلة لا تحتاج إلى سنوات.
هي تبدأ بلحظة صدق.
بلحظة واحدة ترى فيها السبب الحقيقي خلف كل المحاولات التي لم تُفلح.
وفي تلك اللحظة، تبدأ تتحرّر من كل ما لم يكن لك…
وتبدأ تمشي نحو المكان الذي طالما حاولت أن تصل إليه،
لكنك لم تملك الخريطة.
والآن؟
الخريطة أمامك.
📌 اضغط هنا لتبدأ – فقط ابدأ.
تمرين عملي: من "أكل تلقائي" إلى وعي فوري
في المرة القادمة التي تمدّ فيها يدك للطعام – سواء كنت جائعًا أم لا – توقّف لثلاثين ثانية فقط.
ثم:
اسأل نفسك:
"هل أنا جائع فعلًا؟ أم متوتر؟ اشعر بالملل؟ احتاج لحنان؟"
افصل نفسك عن الموقف:
بدل أن تأكل فورًا، اشرب كوب ماء، أو قف وتمشَّ في الغرفة لمدة دقيقة.
راقب الفرق:
هل ما زلت تريد أن تأكل؟ أم أن الشعور تغيّر؟