لماذا تتكرر نفس النتائج… حتى عندما نُقسم أننا تغيرنا؟

عن الأنماط التي نعرف نهايتها، ومع ذلك نسير إليها من جديد

تخرج من علاقة وتعد نفسك: "المرة القادمة ستكون مختلفة"
تُغيّر عملك، محيطك، حتى مظهرك…
لكن بعد أشهر قليلة، تكتشف أن الشعور ذاته عاد.
نفس الخذلان. نفس الإحباط. نفس الإحساس بأنك "أعطيت أكثر مما أخذت"

الوجوه تتغير، الأماكن تتغير، لكن النتيجة؟
كأنها نسخة مكررة من سابقتها.

فهل الحياة تعيد نفسها علينا؟
أم أن هناك شيئًا داخلنا هو من يُعيدنا لنفس النمط… حتى لو تغيّر كل ما حولنا؟

ما يتكرر في الخارج… يعكس ما لم يُفهم في الداخل

الأنماط ليست صدفة.
كل مرة نكرر فيها تجربة تُؤذينا، نحن في الحقيقة لا "نُعاقب" أنفسنا،
بل نحاول – دون وعي – أن نعيد صياغة شيء قديم،
أن نغيّر نتيجة كُتبَت في الماضي، لكن بأدوات اليوم.

كأن العقل يقول:
"ربما لو أحبني هذا الشخص، سأشفى من ألم ذلك الشخص."
"ربما لو أنجح الآن، سأعوض عن خيبة قديمة."
"ربما هذه المرة… النتيجة ستكون مختلفة."

لكن الحقيقة؟
لن تتغير النتيجة ما دامت النية العميقة نفسها:
نية إثبات الذات، سدّ الفراغ أو تعويض الشعور بالنقص.

النمط ليس خطأ… بل بوابة لم تُفتح بعد

قد نُكرّر العلاقة ذاتها بأشكال مختلفة،
ونلوم أنفسنا: "لماذا لا أتعلم؟"
لكن التكرار لا يعني الغباء أو الضعف.
بل يعني أن هناك "حاجة داخلية" لم تُفهم بعد.

السؤال ليس: لماذا أعود؟
بل: إلى ماذا أعود؟
وما الذي أحاول إصلاحه من خلال هذا التكرار؟

حين نرى التشابه… تبدأ المفارقة

عندما تبدأ تلاحظ أن شعورك في الوظيفة الحالية يُشبه ما شعرت به في الوظيفة السابقة،
وأن علاقتك الجديدة تُعيد لك نفس وجع العلاقة الماضية – فهذه ليست صدفة.
بل إشارة أن النمط أقوى من الظرف، وأن الحل لا يأتي من التغيير الخارجي فقط.

التكرار يقول لك:
"انظر أعمق. هناك درس لم يُستوعب بعد. وهناك جزء منك يُعيدك لما تعوّدت عليه، لا لما تستحقه".

القيمة التي لا يخبرك بها أحد:

النمط المتكرر ليس لعنة.
هو بوصلة.
وكلما عاد، لا يطلب منك أن تتألم، بل أن تفهم.

أن تفهم أين تبيع نفسك بثمن قليل جدًا.
أن تفهم من أين جاء هذا الصوت الداخلي الذي يُشكّك بك.
أن تفهم أن الوقت قد حان لتُبدّل موقعك في الحكاية… من المتكرر إلى المقرر.

حين ترى النمط كصديق جاء ليُريك ما لم ترِد أن تراه،
يتوقف عن مطاردتك ويبدأ بمرافقتك نحو وعي جديد.

خلاصة

قد نظن أن المشكلة في الأشخاص الذين نختارهم، أو في الظروف التي نجد أنفسنا فيها،
لكن الحقيقة الأعمق؟
أن ما يتكرر خارجك… يعكس ما لم يُشفَ داخلك.

النمط لا يعيد نفسه عبثًا، بل لأنه يريد منك أن تتوقف، أن ترى، أن تفهم.
ومتى فهمت، يبدأ التغيير — لا بصوتٍ عالٍ، بل بحركة داخلية هادئة تشبه النضج.

التكرار لا يعني أنك لا تتقدم، بل يعني أن هناك بابًا داخليًا لم يُفتح بعد.
وعندما تفتحه، سترى أنك لم تكن تدور في دائرة، بل كنت تسير في حلقة وعي تتسع كل مرة.

كل ما تحتاجه أحيانًا ليس خطوة كبيرة، بل لحظة صدق.
لحظة تقول فيها لنفسك:

"أنا أستحق نمطًا جديدًا… يشبه حقيقتي، لا ماضٍ لم أعد أريده."